التعبير في كل من العلم والأدب، وما يشيع في كل منهما من خصائص، تجعل تناولنا لنص أدبي مختلفا كل الاختلاف عن تناولنا لنص علمي.
وإذا جئنا إلى تفسير القرآن الكريم فالأمر هنا أخطر وأشق من تفسير نصوص الأدب.
هنا نقف أمام كتاب منزل ينطوي على ألوان مختلفة من المعارف التي أراد الله لعباده أن يتلقوها على يد رسوله.
١ - في القرآن أحكام شرعية. وكثير من هذه الأحكام وردت مجملة في نص الكتاب الكريم. ولا سبيل إلى استيضاح معناها إلا بالرجوع إلى السنة النبوية، فهنا نجد أن أحكام الشريعة لا بد من الرجوع إلى قول الرسول فيها، حتى يتم استيضاح معانيها والإحاطة بكافة تفصيلاتها، على الوجه الأكمل. فيمكننا هنا أن نقول إن تفسير أحكام الشريعة لا بد لنا فيه من الأخذ عن الرسول، وتحري النقل الصحيح عنه وعن صحابته.
٢ - وفي القرآن آيات تنبئ عن مغيبات. من هذه مثلا قيام الساعة، وكيف يتم ذلك، وبعض تفصيلات عن هذا الموقف، وطبيعة الحساب ومواقفه، وغير ذلك، من الأمور
الغيبية التي يتحدث عنها القرآن الكريم، ولم يكن حديثه عن الكثير منها سوى مجرد ذكر لها، أو إشارة مجملة إليها لا تنطوي على تفصيلات وشروح لمن أراد لذلك تفصيلا وشرحا. هذه الأمور لا يستطيع أحد أن يقول فيها برأي. والرسول ذاته قد توقف عن تفسيرها. فموقف المفسر بالنسبة لها يجب أن يكون موقف المصدق لما أخبر به القرآن من غيبيات لا سبيل إلى استيضاحها بتفصيل الإجابة عما عساه ينشأ حولها من تساؤلات.
٣ - وفي القرآن آيات متشابهات، تعبر عن موضوعات يمكن الحديث فيها بنوع من التأويل. فهناك الآيات الكثيرة التي ورد بها ذكر يد الله أو وجهه أو استواؤه أو مجيئه. هذه الآيات- كما سبق أن ذكرنا في حديثنا عن المحكم والمتشابه- قد قوبلت بموقفين متعارضين من المسلمين. فبعض الأتقياء من السلف