للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويجوز أن يكون اطلاق الموت على الجماد استعارة لاجتماعهما في أن لا روح ولا إحساس.

ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ كما وهب الله الإنسان الحياة، فإنه سوف يميته، لكنه وعد بإعادة الناس إلى الحياة ومحاسبتهم. فالإحياء هنا هو النشور. ولست أوافق على تفسيره بأنه الإحياء في القبر. فالإنسان سوف يبعث، ويعود إلى ربه، حيث يحاسبه، ويكون مصيره النهائي رهنا بإرادة الله.

٢٩ - هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.

تشير هذه الآية الكريمة إلى منزلة الإنسان بين مخلوقات الله. لقد خلق الله كل شيء من أجل الإنسان، فلا يجوز أن يستعبد في سبيل المادة، كما لا يجوز أن يعتبر أي شيء من الموجودات المادية أهم من الإنسان. إن أهم ما تطمح إليه الحضارة البشرية هو الوصول إلى المستوى الذي يجعل الإنسان سيدا حقيقيا للأرض ما عليها. وربما تجاوزت في طموحها الأرض، وتطلعت إلى كواكب السماء.

لقد بين القرآن الكريم أن كل الموجودات المادية إنما خلقت لخدمة الإنسان، وهذا هو التصور المثالي للقيمة الإنسانية بالقياس إلى غيرها من القيم.

ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ الاستواء هو الاعتدال والاستقامة. وأهل السنة لا يتصدّون لتفسير معنى الآية، وهم يرون أن الاستواء معلوم، والكيف مجهول. أما المعتزلة فيتصدّون للتفسير.

يقول الزمخشري: «ثم استوى إلى السماء أي قصد إليها بإرادته ومشيئته بعد خلق

<<  <   >  >>