هؤلاء اليهود الذين يعرفون الله، ويعرفون أنه يعلم السرّ والعلن، كيف يجيزون لأنفسهم أن يسلكوا إزاء الحق هذا النهج من النفاق، ظانين أنهم بذلك يتخلّصون من المسئولية. وقال البعض إن المعنى: أن الله يعلم ما يسرون من كفرهم إذا خلا بعضهم إلى بعض، وما يعلنون من قولهم آمنا إذا لقوا أصحاب محمد. والقول الأول هو رأي أكثر المفسرين.
استنبط الفخر الرازي من هذه الآية ومن سابقاتها وصفا لطوائف اليهود التي عاندت الرسول فقال: الفرقة الأولى هي الضالة المضلة وهم الذين يحرفون الكلم عن مواضعه، والفرقة الثانية هم المنافقون، والفرقة الثالثة هم الذين يجادلون المنافقين ويدعونهم إلى إخفاء ما عرفوه، أما الفرقة الرابعة فهم المذكورون في هذه الآية، وهم العامة الأميّون الذين لا معرفة عندهم بقراءة ولا كتابة، وطريقتهم التقليد، وقبول ما يقال لهم، فبين الله تعالى أن الذين يمتنعون عن قبول الإيمان ليس سبب ذلك الامتناع عندهم واحدا، بل لكل جماعة منهم سبب يتعلق بهم.
(الأميّ) من لا يحسن القراءة والكتابة. والأمانيّ جمع أمنية.