للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٨ - صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ

هذه الجملة إخبار لمبتدإ محذوف هو ضمير المنافقين. والصمم آفة مانعة من السماع، وأصله الصلابة واكتناز الأجزاء، ومنه الحجر الأصم، والقناة الصماء، وصمام القارورة سدادها. سمى به فقدان حاسة السمع لأن العرب كانوا يعللون فقدان حاسة السمع باكتناز باطن الصماخ وانسداد منافذه بحيث لا يكاد يدخله هواء يحصل الصوت بتموجه. والبكم الخرس. وقد وصف المنافقون بذلك مع سلامة حواسهم، لأنهم لما سدوا مسامعهم عن الإصغاء لما يتلى عليهم من الآيات، وأبوا أن يتلقوها بالقبول وينطقوا بها ألسنتهم، ولم يجتلوا ما شاهدوا من آيات الله، تلك التي تتجلى في الآفاق وفي الأنفس، صاروا كفاقدي تلك المشاعر.

فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ الفاء للدلالة على ترتيب ما بعدها على ما قبلها، والمعنى أن هؤلاء المنافقين- بسبب اتصافهم بالصفات المذكورة- لا يعودون إلى الهدى الذي تركوه وضيعوه، أو لا يرجعون عن الضلالة التي تعلقوا بها.

١٩ - أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ، وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ

الصيّب: المطر، أصله صيوب، لكن اجتمعت الواو والياء وأولاهما ساكنة فصارتا ياء مشددة، ومثله سيّد وجيّد.

يجعلون: جعل يكون على وجوه: أحدها أن يتعدى إلى مفعولين، نحو جعلت الطين خزفا. وثانيها: أن يأتي بمعنى صنع ويتعدى إلى مفعول واحد نحو قوله:

<<  <   >  >>