الضلالة هي الخروج عن القصد وفقد الاهتداء، واستعير للذهاب عن الصواب في الدين. واشتراء الضلالة بالهدى اختيارها عليه، واستبدالها به. فإن قيل:
كيف اشتروا الضلالة بالهدى وما كانوا على هدى؟ والجواب أنهم جعلوا لتمكنهم من الهدى كأنه في أيديهم، فإذا تركوه ومالوا إلى الضلالة فقد استبدلوها به.
إن الهدى كان ميسرا لهم، فقد جاءتهم دعوة الحق فأعرضوا عنها. أما قوله:
فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ فهو مما يقوي أمر المجاز ويحسنه، فلا ربح هنا ولا تجارة، وإنما تستكمل الصورة البيانية بهذه العبارة. لقد حسبوا الضلالة كسبا، فخسروا في هذا الحساب، ولم يقف الأمر عند حرمانهم من الربح، بل إنهم خسروا رأس مالهم وهي عقولهم، فلم تعد هذه العقول قادرة على الاهتداء إلى العقائد الصحيحة، بل أصابها ما
جعلها عاجزة عن كسب تلك العقائد.
١٧ - مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ.
يتحدث الرازي عن الأمثال في القرآن فيقول: «المقصود من ضرب الأمثال