نزل القرآن على الرسول خلال نيف وعشرين سنة، وكان نزوله منجّما. ولقد سهّل ذلك على الرسول وعلى صحبه حفظ ما كان ينزل من آي الذكر الحكيم. إن الرسول
الكريم كان أول الحفاظ وأجمعهم لكتاب الله. وكان إلى جانبه جمع من الصحابة يحفظون ما ينزل عليه من آيات الكتاب.
لكن الأمر لم يقف عند الحفظ بل قام إلى جانب الحفظ أيضا جهد دائب لتسجيل آيات الكتاب عقب نزولها. لقد جمع الرسول من حوله عددا من الكتّاب عرفوا بكتاب الوحي، وكان يملي على هؤلاء ما يوحى إليه فيكتبونه.
إن الكتابة لم تكن منتشرة في زمن الرسول. وكانت أدوات الكتابة نادرة، ولا عجب في ذلك، فالجزيرة العربية لم تعرف حينذاك الكتب ولا الكتّاب.
ولم تكن الكتابة في ذلك الوقت وسيلة الثقافة، ولا مصدر المعرفة. علينا أن نذكر أن الكتاب وليد عصر متأخر من عصور التطور الحضاري. وليست الكتابة من الأمور التي تعنى بها المجتمعات التي لم تبلغ درجة عالية من التطور الحضاري، وبخاصة قبل تيسير أدواتها، مما يسر صناعة الكتاب، وجعل له مكانة في المجتمعات الإنسانية.