للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طريقته، ألف تفسيرا آخر مختصرا، شاملا لفوائد تفسيره الأول ولطائف الكشاف وسماه الجوامع، وله تفسير ثالث أيضا أكثر اختصارا من الأولين، وتصانيف أخرى في الفقه والكلام.

يذكرون قصة هي غاية في الغرابة واللطافة، في سبب تأليفه لتفسيره مجمع البيان الذي نحن بصدده فيقولون: «ومن عجيب أمر هذا الطبرسي، بل من غريب كراماته، ما اشتهر بين الخاص والعام، أنه قد أصابته السكتة فظنوا به الوفاة، فغسلوه وكفنوه ثم رجعوا، فلما أفاق وجد نفسه في القبر ومسدودا عليه سبيل الخروج عنه من كل جهة، فنذر في تلك الحالة أنه إذا نجا من تلك الداهية ألف كتابا في تفسير القرآن. فاتفق أن بعض النباشين قصده لأخذ كفنه، فلما كشف عن وجه القبر أخذ الشيخ بيده، فتحير النباش ودهش مما رآه، ثم تكلم معه فازداد به قلقا، فقال له: لا تخف، أنا حي وقد أصابتني السكتة ففعلوا بي هذا، ولما لم يقدر على النهوض والمشي من غاية ضعفه، حمله النباش على عاتقه وجاء به إلى بيته الشريف، فأعطاه الخلعة وأولاه مالا جزيلا، وتاب على يده النباش، ثم إنه بعد ذلك وفى بنذره الموصوف، وشرع في تأليف مجمع البيان».

[الحوافز التي دفعت الطبرسي لتأليف كتابه]

يقول الطبرسي في مقدمة كتابه « ... وقد خاض العلماء قديما وحديثا في علم تفسير القرآن، واجتهدوا في ابراز مكنونه وإظهار مضمونه، وألفوا فيه كتبا جما غاصوا في كثير منها إلى أعماق لججه، وشغفوا الشعر في إيضاح حججه، وحققوا في تفتيح أبوابه وتغلغل شعابه، إلا أن أصحابنا- رضي الله عنهم- لم يدونوا في ذلك غير مختصرات نقلوا فيها ما وصل إليهم في ذلك من الأخبار، ولم يعنوا ببسط المعاني فيه وكشف الأسرار، إلا ما جمعه الشيخ الأجل السعيد، أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي من كتاب التبيان، فإنه الكتاب الذي يقتبس من ضيائه الحق، ويلوح عليه رواء الصدق، وقد تضمن فيه من المعاني الأسرار البديعة، واختصر من الالفاظ اللغة الوسيعة، ولم يقنع بتدوينها دون تبينها، ولا بتنميقها دون

<<  <   >  >>