للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَاتَّقُوا يَوْماً ...

فالآية تذكر بسالف النعم، والآية التالية تحذر من عاقبة العصيان، أما قوله تعالى وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ فالمقصود به أن الله فضلهم على أهل زمانهم، فقد حباهم بدين قائم على التوحيد، وكان إيمانهم به مما رفع قدرهم على أهل زمانهم الذين لم يهتدوا للإيمان.

٤٨ - وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ

اتقاء اليوم هو اتقاء لما يحصل في ذلك اليوم من العقاب، فاليوم نفسه لا يتقى، ولا بد أن يأتي هذا اليوم لأهل الجنة وأهل النار جميعا، فلا سبيل إلى الإفلات منه.

لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً لا تحمل نفس عن نفس شيئا في يوم القيامة، ولا تذود عنها شيئا يصيبها، بل يفر المرء فيه من أخيه وأمه وأبيه. فطاعة المطيع لا تقضي عن العاصي ما كان واجبا عليه. فالأمر بالنسبة للطاعات ليس شبيها بالعلاقات المادية في الدنيا، حيث يستطيع الرجل أن ينوب عن أخيه في حمل الأعباء، فيقضي عنه دينه، أو يحمل عنه بعض أعبائه. فالطاعات واجبة على كل انسان، وأداؤها مفروض عليه، ومن هنا لا تجزي نفس عن نفس شيئا يوم الحساب.

وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ الشفاعة أن يستوهب أحد لأحد شيئا ويطلب له حاجة، وأصلها من الشفع

<<  <   >  >>