ولقد وصف المنافقون المسلمين بالسفهاء لأن المنافقين كانوا من أهل الخطر والرئاسة في الجاهلية، أما المؤمنون فكان أكثرهم من الفقراء، فاستخف هؤلاء الأغنياء الأقوياء بفقراء قومهم، على سابق عادتهم في الجاهلية، ولم يفطنوا إلى أن الإسلام قد قلب أوضاع الجاهلية، وغير قيمها وموازينها. ومن هنا وصف القرآن هؤلاء المنافقين بأنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون. فمن سفههم أنهم لم يشعروا بتغير الأوضاع في ظل الدين الجديد. ومن سفههم أنهم أصروا على معاداة الله ورسوله.
وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ والعلم هو المقابل للسفه. فهؤلاء هم السفهاء لكنهم لا يعلمون مدى ما هم عليه من السفه. في الآية السابقة قال:
(لا يشعرون) حيث كان الموقف هو الإفساد في الأرض، وهم في ذلك سادرون لا يشعرون بعملهم. أما في هذه الآية فقال:
لا يَعْلَمُونَ لأن المقام هنا مقام علم وجهل، واهتداء عقلي، وضلال نفسي.
صورة جديدة من صور النفاق، تتجلى في إعلان هؤلاء إيمانهم باللسان، ثم عودتهم عن ذلك الإيمان المعلن حين يخلون إلى شياطينهم. والمراد بالشياطين هنا زعماء المنافقين، الذين كانوا إما من أكابر الكفار أو من أكابر المنافقين.