والعبادة موافقة الأمر، ويدخل فيها التوحيد بالقلب، والخضوع بالنفس، والاستسلام للحكم. ويقال: اعبدوه بالتجرد من المحظورات، والتجلد في أداء الطاعات، ومقابلة الواجبات بالخشوع والإذعان.
وقوله لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ يعلّمهم معنى الخوف والرجاء من الله، فالإنسان عليه أن يبذل جهده في الطاعات لعله بذلك يكون من أهل التقوى، ولعله بعد ذلك يفوز بالجزاء الأوفى.
يذكّر الله عباده بأن من موجبات عبادتهم له أيضا أنه رازقهم، فهذه الأرض في رحابتها وتنوع ثمارها، جعلت مقرا لهم. ومن فوقهم هذه السماء تمطرهم بالماء الذي يرويهم وينبت لهم مختلف الثمرات.
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً يعني أن الله خلق الأرض ووطأ أكنافها للناس، وجعلهم قادرين على الاستقرار فيها.
وَالسَّماءَ بِناءً إن ذلك الفضاء الرحب المحيط بنا، بما فيه من كواكب ونجوم يقف على هذه الصورة كأنه البناء المحكم. ولقد توصل العلم الحديث إلى أن هناك قوانين طبيعية تحكم هذا الوضع المتماسك. فلو اختلت نسب الجاذبية بين أجرام الكون،