والزكاة، وكان ذلك شاقا عليهم لما فيه من ترك الرئاسات والإعراض عن المال والجاه، لا جرم عالج الله تعالى هذا المرض فقال:
وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ كأنه قيل: واستعينوا على ترك ما تحبون من الدنيا، والدخول فيما تستثقله طباعكم من قبول دين محمد بالصبر أي بحبس النفس عن اللذات، فإنكم إذا كلفتم أنفسكم ذلك مرنت عليها، وخف عليها. ثم إذا ضممتم الصلاة إلى ذلك تم الأمر لأن المشتغل بالصلاة لا بد وأن يكون مشتغلا بذكر الله وذكر جلاله وقهره، وذكر رحمته وفضله، فإذا تذكر رحمته مال إلى طاعته، وإذا تذكر عقابه ترك معصيته، فيسهل عند ذلك اشتغاله بالطاعة وترك المعصية.
وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ الضمير في إنها عائد إلى الصلاة، أي الصلاة ثقيلة إلا على الخاشعين. وثقل الصلاة بالنسبة لغير الخاشع أمر واضح. فلا بد من اقتناع قلبي بالإيمان ليسهل أداء الصلاة. أما من لم يخشع فهو لا يعتقد أن في أداء الصلاة ثوابا ولا في تركها عقابا، فيصعب عليه فعلها. أما الخشوع فهو الخضوع.
الظن هنا بمعنى العلم. ولا يجوز أن يفسر الظن هنا بالاعتقاد الذي يقارنه تجويز النقيض. فلو كان هذا الظن مقصودا لاقتضى أن يكون صاحبه غير جازم بيوم القيامة، وهذا كفر لا يتمشى مع معنى الآية. ففي هذه الآية مدح على الظن، فوجب أن يكون معنى الظن هنا هو العلم الذي يفيد اليقين. ونظيره قوله تعالى: إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ.