بيان لمدى الرعب الذي أحاط بهم فكانوا يدفعون أصابعهم داخل آذانهم، ظانين أن هذه الآذان قد تتسع لها. ولم يقل يجعلون أناملهم في آذانهم، لأن هذا يكون أقل تصويرا لحالة الرعب التي استشعرتها نفوسهم.
أما قوله أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فيعبّر عن قوة المطر الذي أخذ أقطار السماء.
ولقد بينا كيف فسر الطبري البرق والرعد بطريقة خرافية تلائم حال المعارف العلمية، قبل أن تشرق شمس النهضة العلمية على العرب. فالطبري قد جمع نقولا عن بعض التابعين في تفسير هاتين الظاهرتين. ونلحظ في تفسير الفخر الرازي تجاوزا لهذه الخرافات وسعيا إلى شيء من التفسير العلمي. فيقول مثلا عن الرعد إنه: الصوت الذي يسمع من السحاب كأن أجرام السماء تضطرب وترتعد إذا أخذتها الريح فيحدث ذلك الارتعاد صوتا. والبرق الذي يلمع من السحاب من برق الشيء بريقا إذا لمع. أما الصاعقة فهي قصف رعد ينقض معها شعلة من نار، وهي نار لطيفة قوية لا تمر بشيء إلا أتت عليه، لكنها مع قوتها سريعة الخمود مثل هذا الشرح الذي قدمه الرازي للظواهر الطبيعية، قد لا يكون متمشيا مع أحدث ما وصل إليه العلم في شرح تلك الظواهر، لكنه أقل إمعانا في الخرافة من روايات الطبري في شرحها.