به عن هذا السؤال ويبيّن به الحكم في هذه الحادثة. أما ما ترويه الآيات من أخبار عن الأمم الماضية والأحداث السالفة. فليست هذه الأخبار مما يدخل في المعنى الاصطلاحي لسبب النزول. فقدوم الحبشة للتهجم على البيت ليس سببا لنزول سورة الفيل، إذا قصدنا المعنى الاصطلاحي لعبارة «سبب النزول»، لكن هذا القدوم هو موضوع هذه السورة، ذكره الله فيها. كما ذكر غيره من الأحداث السالفة، شأنه في ذلك شأن قصة قوم نوح وعاد وثمود وبناء البيت ونحو ذلك (١)
[التعبيرات التي يفهم منها تعيين سبب النزول:]
لما كنا قد ذكرنا أن السبيل الوحيد لمعرفة أسباب النزول هو النقل، فوجب علينا الآن أن نحاول استقصاء العبارات التي تصدّر بها الروايات المعبرة عن تلك الأسباب. فمن هذه العبارات ما هو نص في السببية، فمثل هذه تصدر بعبارة «سبب نزول هذه الآية هو كذا» أو تذكر الحادثة التي نزلت من أجلها الآية مشفوعة بفاء السببية، كأن يقال «وقع كذا فنزل قوله تعالى ... »، وتذكر الآية التي تتعلق الرواية بسبب نزولها. وربما يفهم سبب النزول من قرينة واضحة، كأن يقال: سئل الرسول عن كذا، فنزل عليه الوحي جوابا على ذلك بقوله تعالى ..
وتذكر الآية. هذه الأحوال كلها نص في السببية.
لكن هناك أحوالا ترد فيها عبارة:«نزلت هذه الآية في كذا». ومثل هذه العبارة لا تعبر بالضرورة عن سبب النزول، بل ربما كانت مجرد تعبير عن مضمون الآية. فلو قيل مثلا إن سورة:
قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ نزلت في محاربة الشرك الذي كان منتشرا بمكة، فليس هذا من قبيل التعبير