خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ يقول الزمخشري في تفسير الآية:«إن قلت: لم أسند الختم إلى الله تعالى، وإسناده إليه يدل على المنع من قبول الحق والتوصل إليه بطرقه، وهو قبيح، والله يتعالى عن فعل القبيح علوا كبيرا ... وقد نص على تنزيه ذاته بقوله:
وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ، وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ، إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ ونظائر ذلك مما نطق به التنزيل؟ قلت: القصد إلى صفة القلوب بأنها كالمختوم عليها، وأما إسناد الختم إلى الله عز وجل فلينبه على أن هذه الصفة في فرط تمكنها وثبات قدمها كالشيء الخلقي غير العرضي. ألا ترى إلى قولهم:
فلان مجبول على كذا ومفطور عليه، يريدون أنه بليغ في الثبات عليه. وكيف يتخيل ما خيل إليك وقد وردت الآية ناعية على الكفار شناعة صفتهم، وسماجة حالهم، ونيط بذلك الوعيد بعذاب عظيم. ويجوز أن تضرب الجملة كما هي، وهي ختم الله على قلوبهم مثلا كقولهم: سال به الوادي، إذا هلك. وطارت به العنقاء، إذا أطال الغيبة، وليس للوادي ولا للعنقاء عمل في هلاكه، ولا في طول غيبته، وإنما هو تمثيل، مثّلت حاله في هلاكه بحال من سال به الوادي، وفي غيبته بحال من طارت به العنقاء.
فكذلك مثّلت حال قلوبهم فيما كانت عليه من التجافي عن الحق بحال قلوب ختم الله عليها».
فالزمخشري هنا يفسر الآية بطريقة تجعل الكفار مسئولين عن ضلالهم، وأن الكفر كان من فعلهم لا من فعل الله. وهذا الرأي ينافي رأي أهل السنة، الذين