والبيان والادب، وكتابه- بصرف النظر عما فيه من الاعتزال، تفسير لم يسبقه إليه أحد، بيّن فيه من وجوه الإعجاز وأظهر فيه جمال النّظم القرآني وبلاغته، وكشف فيه جمال القرآن وسحر بلاغته، لما برع فيه من المعرفة بكثير من العلوم، خصوصا إلمامه بلغة العرب، ومعرفته بأشعارهم.
اهتم الزمخشري في تفسيره بالنّواحي البلاغية القرآن، وتذرّع بالمعاني اللغوية لنصرة مذهبه الاعتزالي، فكان إذا مر بلفظ يشتبه عليه ظاهره ولا يتفق مع مذهبه، يحاول بكل جهده أن يبطل هذا المعنى الظاهر، وأن يثبت للفظ معنى آخر موجودا في اللغة.
كما اعتمد على الفروض المجازية، متذرعا بالتمثيل والتخييل فيما يستبعد ظاهره، هذا، وأن الزمخشري انتصر لمذهبه الاعتزالي وأيده بكل ما يملك من قوّة الحجة وسلطان الدليل، كما سار على مبدأ حمل الآيات المتشابهة على الآيات المحكمة عند ما تصادفه آية تخالف مذهبه وعقيدته. ولم يكن بعد هذا ليّنا في خصومته لأهل السنّة، بل كان حادّا عنيفا، يتهم خصمه بالزيغ والضلال، ويرميه بأوصاف يسلكه بها في قرن واحد مع الكفرة الفجرة، كلما تعرّض لناحية العقيدة. متعصبا للمعتزلة، إلى حدّ يجعله يخرج خصومه السنيين من دين الله وهو الاسلام.
هذا، وإن الزمخشري- رحمه الله- تعرّض إلى حدّ ما وبدون توسع، إلى المسائل الفقهية التي تتعلق ببعض الآيات القرآنية، باعتدال ليس فيه تعصب لمذهبه الحنفيّ. أما ذكر الروايات الإسرائيلية فقد أقلّ منها، ما ذكره من ذلك إمّا أن يصدره بلفظ روي، ليشعر القارئ بضعف الرواية وبعدها عن الصحة، وإما أن يفوّض علمه الى الله سبحانه.
[تفصيل الملاحظات على تفسير الكشاف]
[(١) ذكر الروايات الإسرائيلية]
كان الزمخشري في الغالب عند ذكره للروايات التي لا يلزم من التصديق بها مساس بالدين يبدأ تفسيره بقوله «روي» لشعوره