اكثر العقلاء وبعض أجلة العلماء معرضين عن تلك المعاني، ساهين لاهين عن التفرج عليها، فقليل منهم من فكر في خلق العوالم وما أودع فيها من الغرائب، مما دفعه إلى أن يؤلف كتبا كثيرة مزج فيها الآيات القرآنية بالعجائب الكونية، وجعل آيات الوحي مطابقة لعجائب الصنع، وحكم الخلق، فتوجه إلى الله يسأله التوفيق إلى أن يفسر القرآن تفسيرا ينطوي على كل ما وصل إليه البشر من علوم، فاستجاب الله دعاءه، وتم له ما أراد.
[منهج المؤلف في تفسيره]
المؤلف في تفسيره هذا، يريد توجيه الفكر الاسلامي إلى التأمل في آيات القرآن التي ترشد إلى علوم الكون، حاثا على العمل بما فيها، منددا بمن يغفل عن هذه الآيات على كثرتها، وينعي على من أغفلها من السابقين الأولين، الذين وقفوا عند آيات الاحكام وغيرها مما يتعلق بأمور العقيدة.
يقول: يا أمة الاسلام: آيات معدودات في الفرائض اجتذبت فرعا من علم الرياضيات، فما بالكم أيها الناس بسبعمائة آية فيها عجائب الدنيا كلها ...
هذا زمان العلوم، وهذا زمان ظهور نور الاسلام، وهذا زمان رقيّه، يا ليت شعري .. لماذا لا نعمل في آيات العلوم الكونية ما فعله آباؤنا في آيات الميراث؟
ولكني أقول: الحمد لله .. الحمد لله، إنك تقرأ في هذا التفسير خلاصات من العلوم، ودراستها أفضل من دراسة علم الفرائض؛ لأنه فرض كفاية، فأما هذه فإنها للازدياد في معرفة الله وهي فرض عين على كل قادر ... إن هذه العلوم التي أدخلناها في تفسير القرآن، هي التي أغفلها الجهلاء المغرورون من صغار الفقهاء في الاسلام، فهذا زمان الانقلاب، وظهور الحقائق، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم (١) كما يرى الشيخ طنطاوي ضرورة ارتقاء نظام التعليم الإسلامي، لإظهار