للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانت هذه الأجرام تسير على غير قوانين محكمة، فهل كان هذا البناء يستقر.

إن الكون بمختلف أجرامه يقف كالبناء المحكم، وهذا دليل على قدرة الخالق، وعظمة خلقه.

وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ فمن عجائب القدرة ذلك الماء الذي يمتزج بالتربة فيخرج مختلف الثمرات التي ينعم بها الإنسان.

فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ من جعل لله ندا بعد أن رأى مظاهر قدرته، ودلائل عظمته فقد ضل ضلالا بعيدا، فهنا دعوة إلى إبعاد ما يؤدي إلى الشرك. وربما اتخذ بعض الناس من مخلوقات الدنيا أندادا لله، فقد يستعبد المال بعضهم فينسون خالقهم، وقد يستعبد متسلط أتباعه كأنه خالقهم. والإنسان بما أوتي من قدرة على التمييز قادر على معرفة خالقه، كما أنه يستطيع بالفطرة أن يدرك معنى التوحيد. وهنا يكون الشرك- مع وجود العلم والإدراك- مما يزيد من شناعة هذا الجرم. فالله قد علم الإنسان ما لم يعلم، فوجب عليه أن يعرف خالقه بهذا العلم.

٢٣ - وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ

لما احتج الخالق على الكفار والمشركين بما يثبت الوحدانية ويبطل الشرك، فذكر كيف خلق الناس أحياء قادرين، وخلق الأرض التي هي مثواهم ومستقرهم، وخلق السماء بناء عجيبا، وأنزل منها الماء الذي يحيي الأرض ويخرج الثمرات، وهي كلها أدلة موصلة إلى التوحيد، مبطلة للشرك، لأن شيئا من المخلوقات لا يقدر على إيجاد شيء منها، عطف على ذلك ما هو الحجة على إثبات نبوة محمد، وما يقرر إعجاز القرآن.

<<  <   >  >>