حين سأل النبي صلّى الله عليه وسلم عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره وأروه أنهم أخبروه بما سألهم عنه، واستحمدوا بذلك اليه» (أخرجه الشيخان). فلفظ الآية هنا عام لكنّ ابن عباس قصرها على ما أنزلت فيه من قصة أهل الكتاب.
(انظر: الزركشي: البرهان: ج ١، ص ٢٧.)
واختلاف الأصوليين حول عموم اللفظ وخصوص السبب من الأبحاث المفصلة في علم أصول الفقه. ولسنا نريد أن نحملكم مئونة الإحاطة بهذا في المرحلة الحاضرة من دراستكم، لأن هذه الأبحاث من صميم علم الأصول ولسنا هنا بصدد دراسة مشكلاته.
[كيف يعرف سبب النزول:]
النقل الصحيح وحده هو السبيل إلى معرفة سبب النزول. ويراد بالنقل الصحيح هنا النقل عن صحابي. فقول الصحابي المتعلق بأمر لا مجال للاجتهاد فيه يكون له حكم الحديث المرفوع إلى النبي. ذلك لأن سبب النزول لا يحتاج في ذكره إلى اجتهاد. وإنما اعتماده على النقل. وليس من المعقول أن يقوم صحابي بتزييف أسباب للنزول يقحمها على القرآن الكريم. فمن هنا يقبل في معرفة أسباب النزول ما يروى عن صحابي إذا صح سنده.
أما ما روى من أسباب النزول بسند ينتهي إلى تابعي فحكمه أنه لا يقبل إلا إذا أيدته رواية أخرى بسند عن تابعي آخر، وبشرط أن يكون الراوي لسبب النزول من أئمة التفسير الآخذين عن الصحابة أخذا مباشرا كمجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير.
[التمييز بين سبب النزول وبين الموضوع الذي تتحدث عنه الآية:]
«سبب النزول» في معناه الاصطلاحي الذي تحدثنا عنه يكون من قبيل السؤال يوجه إلى الرسول أو الحادثة تقع في زمانه، فينزل الله ما يجيب