ترك موسى قومه أربعين ليلة، وكان الله قد وعده أن ينزل عليه كتابا يبين للناس ما يعملون وما يتركون، فاستخلف أخاه هارون على قومه، وقصد إلى الطور حيث تلقى الوحي من ربه، ونزلت عليه التوراة. ولما عاد إلى قومه وجدهم يعبدون العجل الذي أغراهم السامري بعبادته.
هذا النزوع إلى الوثنية حقيقة سجلها التاريخ على بني إسرائيل في أوائل عهدهم. فمن المعروف أن دولة إسرائيل القديمة قد انقسمت إلى دولتين بعد موت سليمان هما
دولة يهوذا والدولة السامرية الشمالية. وقد انتشرت في الدولة السامرية الشمالية عبادة العجول الذهبية على نطاق واسع.
وكان اتخاذهم العجل إلها بعد ما خصّهم به الله من المعجزات، وما حباهم به من الكرامة، دليلا على رسوخ الجهل في طبيعتهم، وتسلط العناد وحب المال على نفوسهم. فقد كانت عبادتهم للعجول الذهبية رمزا لهذا الجشع وتلك المادية التي غلبت عليهم خلال العصور، وجعلتهم موضع سخط الناس.
وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ لأنفسكم بهذه الوثنية التي سوف تجر عليكم أقسى أنواع العقاب. أو وأنتم ظالمون بارتكابكم هذا الفعل، وإشراككم بربكم قال تعالى:
إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ذلك لأن ارتكابه ينطوي على ضرر لا نفع فيه، ومن هنا يكون فاعله ظالما، لأنه يظلم نفسه. قال تعالى في وصف أحد الجاحدين:«ودخل جنته وهو ظالم لنفسه فقال ما أظن أن تبيد هذه أبدا».