كان صاحب الحاجة كان فردا، فصار الشفيع له شفعا أي أنه صار قرينا مؤيدا له. والضمير في قوله وَلا يُقْبَلُ مِنْها راجع الى النفس الثانية، وهي العاصية التي تحتاج إلى الشفاعة، ومع ذلك، فلو جاءت بشفاعة شفيع لا يقبل منها. ويجوز أن يرجع الضمير إلى النفس الأولى على أنها لو شفعت لغيرها لم تقبل شفاعتها، كما أنها لا تجزي عنها شيئا.
وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ أي فدية. وأصل الكلمة من معادلة الشيء تقول: ما أعدل بفلان أحدا، أي لا أرى له نظيرا. قال تعالى:
ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ تحذر هذه الآية من تعودوا في الدنيا على أن يحلّوا بالمال كل مشكلاتهم، فتبين أن من كفر لا يكون يوم القيامة قادرا على افتداء نفسه مهما كان الثمن الذي يقدمه. قال تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ (آل عمران: ٩١) وقدم الشفاعة على المال هنا، وفي ذلك إشارة إلى حرص اليهود على المال، حيث يؤثرون الخلاص عن طريق الشفاعة، فإن عز ذلك عليهم فعن طريق المال.
وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ التناصر يكون في الدنيا على أساس القرابة أو الصداقة. فالنصر هو دفع الشدائد، ولا أحد يستطيع أن يدفع عذاب الله عن عمن استحق هذا العذاب.