(أمّا) حرف فيه معنى الشرط، ولذا يجاب بالفاء. وفائدته في الكلام أنه يعطيه زيادة في التوكيد. تقول زيد ذاهب، فإذا أردت توكيده، وأنه لا محالة ذاهب، قلت: أما زيد فذاهب. ولذا فسرها سيبويه بقوله: مهما يكن من شيء فزيد ذاهب. وهذا التفسير يفيد كونه تأكيدا، وأنه في معنى الشرط. وفي إيراد الجملتين مصدرتين به إحماد عظيم لشأن المؤمنين، واعتداد بليغ بعلمهم أنه الحق، ونعي على الكافرين إغفالهم التفكر والتدبر، واندفاعهم بالكلمة الحمقاء. وفرق كبير بين هذا التعبير وبين أن يقول: فالذين آمنوا يعلمون أنه الحق، والذين كفروا يقولون ...
و (مثلا) منصوب على التمييز أو على الحال.
يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً إن المؤمنين الذين عادتهم الإنصاف والنظر في الأمور بعين العقل، إذا سمعوا بهذا التمثيل علموا أنه الحق، أما الكفار الذين غلب الجهل على عقولهم فهم إذا سمعوه كابروا وعاندوا، وقابلوه بالإنكار وحكموا عليه بالبطلان، فذلك هو سبب هدى المؤمنين وضلال الفاسقين.
وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ الفسق هو الخروج عن القصد. والفاسق في الشريعة هو الخارج عن الأمر بارتكاب الكبيرة، وهذا في مذهب أهل السنة. أما في مذهب المعتزلة فهو نازل لين المنزلتين، أي بين منزلة المؤمن والكافر.