مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ والمعنى أن كل من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا من الجماعات كلها فلهم أجرهم عند ربهم، ولهم الثواب يوم القيامة على إيمانهم. وهذه الآية تبين موقف المؤمنين من أهل الكتاب الذين صدقوا في إيمانهم قبل بعث الرسول، فهؤلاء لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، ولن يكون مصيرهم مثل مصير العصاة من بني إسرائيل الذين قص القرآن في الآيات السابقة أنباء عصيانهم وكفرهم وقتلهم النبيين.
فإن قيل: ولماذا النص على أن أهل الكتاب المؤمنين قبل نسخ أديانهم يثابون على ذلك، وهذا مما هو مسلم به، فالجواب على هذا أن الآيات السابقة على هذه الآية أفاضت في شرح مثالب اليهود وتعداد جرائمهم، حتى ليكاد قارئ هذه الآيات يحسبهم جميعا من الخاطئين. فجاءت هذه الآية لتبين موقف الصالحين منهم، ومن أهل الكتاب بوجه عام، وتقرنهم بأهل الإيمان في استحقاق الثواب.
وللمفسرين في هذه الآية كلام كثير غير مقنع.
ومن المشكلات في تفسير الآية قوله تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وقد ذكر أكثر المفسرين أن المقصود بهؤلاء المنافقون، وهو تفسير غريب، قادهم إليه اعتبار الفرق المذكورة كلها من أهل الضلال، وأن من آمن بالله منهم وصدق باليوم الآخر وعمل صالحا، فلهم أجرهم. يقول الفخر الرازي: «إنه سبحانه بين في هذه الفرق الأربعة أنهم اذا آمنوا بالله فلهم الثواب في الآخرة ليعرف أن جميع أرباب الضلال إذا رجعوا عن ضلالهم وآمنوا بالدين الحق فان الله يقبل إيمانهم وطاعتهم ولا يردهم عن حضرته البتة. واعلم أنه قد دخل في الإيمان بالله الإيمان بما أوجبه، أعني الإيمان برسله، ودخل في الإيمان باليوم الآخر جميع أحكام الآخرة، فهذان القولان قد جمعا كل ما يتصل بالأديان في حال التكليف