وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ أي أن من الحجارة ما يندى بالماء الكثير فتفيض منه الأنهار، ومنها ما يندى بالماء القليل فتتفجر منه العيون، وهؤلاء قلوبهم في صلابتها لا تندى بشيء من الخير لهم ولا لسواهم.
وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ هو من قبيل قوله تعالى:
لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ (الحشر: ٢١) فلو جعل الله في الجبل العقل والفهم لصار كذلك. كما أن الحجر لا يستعصي على التشكل بما يراد له، في حين أن هذه القلوب قد استعصت على كل آية وموعظة أرادت صرفها عن عنادها وكفرها. لو أن الله أراد لجبل أن يدكّ لخر خاشعا، فما بال هؤلاء تتجلى أمام عيونهم آيات الله، ويدعوهم الأنبياء للإيمان، فيصمون عن دعوتهم الآذان، ويغلقون دونها القلوب.
وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ المعنى أن الله تعالى محيط بما يعمله هؤلاء القساة، محص لأعمالهم، فهو يجازيهم بها في الدنيا والآخرة، وهو كقوله تعالى:
وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا وفي هذا وعيد لهم، ينبههم إلى إحاطة الله بكل عمل يعملونه، ولو كان من مكنونات القلوب.