إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة المحققة لبعض مكتشفات علم الهيئة والنواميس الطبيعية.
والكتاب- كما ترى- موسوعة علمية، ضربت في كل من فنون العلم بسهم وافر، مما جعل هذا التفسير يوصف بما وصف به تفسير الفخر الرازي، فقيل عنه:(فيه كل شيء إلا التفسير) بل هو أحق من تفسير الفخر الرازي بهذا الوصف، وأولى به.
والكتاب يدل على أن المؤلف- رحمه الله- كان كثير التجوال في ملكوت السموات والأرض بفكره، يطوف في شتى نواحي العلم بعقله وقلبه قاصدا تفسير آيات الله في الآفاق وفي نفوس الناس، هادفا إلى إثبات أنّ القرآن تضمّن ما جاء وما قد يجيء به الانسان من علوم ونظريات، ولكل ما اشتمل عليه الكون من دلائل وأحداث، تحقيقا لقول الله تعالى في كتابه:
ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ (١).
ولكن هذا خروج بالقرآن عن قصده، وانحراف به عن هدفه.
إن الذين يعتبرون أن التفسير العلمي هو الذي يبيّن إعجاز القرآن مخطئون ولا شك. فالاستناد إلى ما تناولته بعض آيات القرآن من حقائق الكون ومشاهده، أو إلى دعوة الله للناس بالنظر في كتاب الكون وآياته التي بثها في الآفاق وفي أنفسهم، لإظهار أن القرآن قد جمع علوم الأولين والآخرين، تأويل غير صحيح؛ ذلك لأن تناول القرآن لحقائق الكون ومشاهده، ودعوته إلى النظر في ملكوت السموات والأرض وفي أنفسهم، لا يراد منه إلا رياضة وجدانات الناس، وتوجيه عامتهم وخاصتهم إلى مكان العظة والعبرة، ولفتهم إلى آيات قدرة الله ودلائل وحدانيته، من جهة ما لهذه الآيات والمشاهد من روعة في النفس وجلال