ولو أردنا أن نتحدث بتفصيل أكثر عن الطابع العام للمكي والمدني من الناحية الموضوعية أمكننا أن نذكر بعض النقاط المهمة التي يستعان بها في التمييز بين النوعين. فبالنسبة للمكي يمكننا أن نذكر ما يلي:
أولا: القرآن الذي نزل بمكة حمل على الشرك وسخر من المشركين وآلهتهم التي كانوا يعبدونها. ودعاهم إلى التأمل في الكون والاحتكام إلى الحس والعقل.
ثالثا: أورد القرآن الكريم في تحذير هؤلاء قصص الأنبياء السابقين والأمم الماضية، وما حاق من العذاب بمن عصوا الله، وحاربوا رسالات السماء.
رابعا: أظهر القرآن لأهل مكة قبح ما كانوا عليه من السير، وما انغمسوا فيه من الموبقات وقبيح العادات كالزنا والقتل وأكل مال اليتامى. ودعاهم إلى كريم الخصال، وحبّب إليهم الإيمان ونبذ المعاصي والرحمة والمحبة والإخلاص والبر بالوالدين والأقربين. والخلاصة أن القرآن الكريم رسم لهؤلاء العرب الجفاة التعجرفين مثلا أعلى في العقيدة النقية، والسلوك الإنساني الرفيع.
أما بالنسبة للمدني فيمكننا أن نذكر ما يلي:
أولا: كثر في الآيات المدنية نزول الأحكام المختلفة وذكر تفصيلاتها.
وتنظم هذه الأحكام علاقات الفرد بأخيه، كما تنظم حياة المجتمع. وهي تتضمن كل أنواع القوانين التي فصّلت في العصر الحديث إلى أحوال شخصية، ومدنية وجنائية وهكذا.
ثانيا: يكثر في القسم المدني دعوة أهل الكتاب للإيمان. كما تتحدث الآيات المدنية كثيرا عن سلوك اليهود وتحريفهم كلام الله، وغير ذلك مما ارتكبوا من الجرائم.