للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«هكذا أنزلت»، ثم قال لي: «أقرأ» فقرأت، فقال: «هكذا أنزلت. إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا ما تيسر منه (١)».

وفي مقدمة تفسير الطبري روايات بصور مختلفة لهذا الحديث. ومما روي في ذلك عن أبيّ أنه قال: «لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عند أحجار المراء (٢) فقال: «إني بعثت إلى أمة أميّين، فيهم الغلام والخادم، والشيخ العاسي (٣) والعجوز، فقال جبريل: فليقرءوا القرآن على سبعة أحرف (٤)».

وفي رواية أخرى عن أبيّ بن كعب أنه قال: «دخلت المسجد فصليت، فقرأت النحل، ثم جاء رجل آخر فقرأها غير قراءتي، ثم جاء رجل آخر فقرأ خلاف قراءتنا، فدخل في نفسي من الشك والتكذيب أشد مما كنت في الجاهلية.

فقلت يا رسول الله: استقرئ هذين. فقرأ أحدهما، فقال: أصبت. ثم استقرأ الآخر فقال: أصبت. فدخل قلبي أشد مما كان في الجاهلية من الشك والتكذيب. فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدري وقال: أعاذك الله من الشك، وأخسأ عنك الشيطان فقال: أتاني جبريل فقال: اقرأ القرآن على حرف واحد، فقلت: إن أمتي لا تستطيع. حتى قال سبع مرات. فقال لي أقرأ على سبعة أحرف، ولك بكل ردّة رددتها مسألة. قال: فاحتاج فيها اليّ الخلائق، حتى إبراهيم صلى الله عليه وسلم (٥)».

والروايات بعد ذلك كثيرة عن وصف القرآن الكريم بأنه نزل على سبعة أحرف.

ولقد ذهب العلماء مذاهب شتى في بيان المعنى المقصود من الأحرف السبعة التي ذكرتها الأحاديث الصحاح.


(١) الزركشي: البرهان، ج ١ ص ٢١١.
(٢) أحجار المراء موضع بقباء خارج المدينة، وقيل هي قباء. وذكر البكري في «معجم ما استعجم» أنها موضع بمكة.
(٣) عسا الشيخ اذا كبر وأسن وضعف بصره ويبس جلده وصلب.
(٤) الطبري، ج ١، ص ٣٥.
(٥) المصدر السابق، ص ٣٧، ٣٨.

<<  <   >  >>