متضمنا عبارات من لغاتها، فنحن نرى أنها لا تتجاوز افتراضات لا تقوم على أساس من الدراسة الواضحة. وحسبنا أن نقول إن القرآن الكريم لم يخل من لغات قبائل أخرى إلى جانب لغة قريش.
ويمكن أن يستفاد من معنى الحديث- في كثير من رواياته- أن الرسول كان قد رخص لأبناء القبائل المختلفة الذين اعتنقوا الإسلام أن يقرءوا القرآن بلهجاتهم. فقد آمن بالقرآن كثير من غير قريش. وكان من هؤلاء، الشيخ والفتى والطفل، وكان من العسير على جميع المؤمنين أن يقرءوا القرآن بلغة قريش، فكانت الرخصة التي أتاحت لهم أن يقرءوه بلغاتهم.
وقد اختلف في مدى احتفاظ مصحف عثمان بالأحرف السبعة التي كان يقرأ بها على عهد الرسول.
فابن قتيبة يذهب إلى أن مصحف عثمان ضم هذه الأحرف السبعة، وقصده من ذلك أن القرآن يضم سبعا من لغات العرب. وهذه اللغات السبع لا يقصد بها أن كل كلمة تقرأ عن سبعة أوجه، بل المقصود أنها مفرقة في القرآن. ويسند رأيه هذا بذكر سبعة أسباب لاختلاف القراءات، ثم يعلل السماح بالأحرف السبعة بقوله:«ولو أن كل فريق من هؤلاء أمر أن يزول عن لغته، وما جرى عليه اعتياده طفلا وناشئا وكهلا، لاشتد ذلك عليه، وعظمت المحنة فيه، ولم يمكنه الا بعد رياضة للنفس طويلة، وتذليل للسان، وقطع للعادة».
أما ابن جرير الطبري فيرى أن الأحرف السبعة لغات سبع سمح للقبائل أن تقرأ بها القرآن في حياة الرسول، نظرا لدخول قبائل عربية غير قريش في شريعة الإسلام. وكانت القراءة بالأحرف السبعة رخصة سمح بها إبان نشر الدعوة، لكن الأمة عدلت عن القراءة بستة من هذه الأحرف، واقتصرت على حرف واحد، حين ارتضت مصحف عثمان إماما، واجتمعت حوله. أما القراءات المتعددة التي نعرفها، فهي في رأي الطبري قراءات مختلفة لحرف واحد، هو الذي اجتمعت عليه الأمة.