للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أئمة المحدثين، وإنما هي أحاديث مروجة وأكاذيب مبهرجة وضعها الزنادقة وأهل المجون المخرقة يرمون بذلك نسبة اللهو والمجون إلى الأنبياء الفضلاء" (١).

وقال الشاطبي: "فمنها اعتمادهم على الأحاديث الواهية الضعيفة والمكذوب فيها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتي لا يقبلها أهل صناعة الحديث في البناء عليها ... كحديث أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - تواجد واهتز عند السماع حتى سقط الرداء عن منكبيه وما أشبه ذلك، فإنَّ ناقل أمثال هذه الأحاديث -على ما هو معلوم- جاهلٌ ومخطئٌ في نقل العلم الشرعي، فلم ينقل الأخذ بشيء منها عمَّن يُعتدُّ به في طريق العلم، ولا طريق السلوك" (٢).

وقال ابن تيمية: "ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنهم - يجتمعون على مثل هذا السماع ولا حضروه قط، ومن قال إنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - حضر ذلك فقد كذب عليه باتفاق أهل المعرفة بحديثه وسُنَّته، والحديث الذي ذكره محمد بن طاهر المقدسي في "مسألة السماع" و"في صفة التصوف" ورواه من طريقه الشيخ أبو حفص عمر السهروردي (٣) صاحب عوارف المعارف أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أنشده أعرابيٌّ:

قد لسعت حيَّةُ الهوى كبدي ... فلا طبيبٌ لها ولا راقي

إلا الحبيب الذي شغفت به ... فعنده رُقيتي وترياقي

وأنه تواجد حتى سقطت البردة عن منكبيه فقال له معاوية: ما أحسن لهوكم


(١) كشف القناع عن حكم الوجد والسماع، ص ١٠١ - ١٠٢.
(٢) الاعتصام ١/ ١٨٢.
(٣) أبو حفص وأبو عبد الله، شهاب الدين عمر بن محمد بن عبد الله السهروردي الصوفي، ثم البغدادي، ولد في رجب سنة ٥٣٩ هـ، وصحب عمَّه أبا النجيب السهروردي، وأخذ عنه الفقه، والوعظ، والتصوف، توفي سنة ٦٣٢ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء ١٤/ ٧٥، وفيات الأعيان ١/ ٣٨٠.

<<  <   >  >>