للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعًا: حكم مرتكب الكبيرة

تدلُّ نصوص الوحيين دلالةً واضحةً على أنَّ مرتكب الكبيرة لا يخرج من الملَّة، بل ينقص إيمانه بقدر ما اقترف من الكبائر، ويطلق عليه مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، ولا يسلب عنه الإيمان، ومع ذلك لا يستحق أن يطلق عليه اسم مؤمن بإطلاق، بل يبقى معه مطلق الإيمان.

أ أدلة الكتاب على ذلك:

١ - قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} (١).

قال ابن جرير - رحمه الله -: "وقد أبانت هذه الآية أنَّ كلَّ صاحب كبيرة ففي مشيئة الله - عز وجل - إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه عليها مالم تكن الكبيرة شركًا" (٢).

وقال النووي - رحمه الله -: "وفي هذه دلالة لمذهب أهل الحق وما أجمع عليه السَّلف أنه لا يخلد في النار أحدٌ مات على التوحيد، والله أعلم" (٣).

٢ - وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (٤).

قال ابن أبي العز - رحمه الله -: "فلم يُخرج القاتل من الذين آمنوا، وجعله أخًا لوليِّ القصاص، والمراد أُخوَّة الدين بلا ريب" (٥).


(١) سورة النساء: ٤٨.
(٢) جامع البيان ٥/ ١٢٦.
(٣) شرح النووي على مسلم ٣/ ٥٨.
(٤) سورة البقرة: ١٧٨.
(٥) شرح العقيدة الطحاوية ٢/ ٤٤٢.

<<  <   >  >>