للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدرقاوية، وأنكر على من سجن ابن عجيبة فقال: "وما ذنبه الذي استحق به السجن، والقهر على الرجوع عن حاله، والإشهاد عليه بذلك، واللَّوم والتوبيخ في مجلس أولئك العُلماء مع أنهم لو أنصفوا لجثوا على الرُّكب بين يديه طُول عمرهم ... فإن قالوا: إنهم رأوا منه ما يخالف الشريعة المطهَّرة، وأثبتوا ارتكابه لأمور من البدع المحرَّمة، فأقول: هو أعرف منهم بالشَّريعة، وأشدهم عملًا بالطريقة والحقيقة" (١).

وهذا يدلُّ على تأثر المكودي بابن عجيبة مثله مثل المعسكري مؤرخ الدرقاوية وطبقاتهم الذي قال عن ابن عجيبة: "كان حُجَّة الطائفة الدرقاوية، مبيِّنًا لأحكامها، وناشرًا لأعلامها، سبر عن علومها حتى صار ينبوعًا لشموسها وأقمارها ونجومها ... وقد ألَّف نيِّفًا وثلاثين تأليفًا بيَّن فيها الشريعة والطريقة والحقيقة ... والحاصل هو أشهر من نار على علم، يبعد مثلي أن يُعرِّف به وبأمثاله" (٢).

ب أثره على أسرته

لقَّن أحمد بن عجيبة علم الحقيقة أخاه محمد بن محمد بن عجيبة ويكنَّى بأبي عبد الله، وأصبح له نشاطٌ صوفيٌّ في مدينة سلا (٣) وغيرها، وتاب على يديه كثير من


(١) سلوك الطريقة الدَّرقاويَّة والرد على منكريها، ص ٣٧.
(٢) مخطوط كنز الأسرار، مخطوط، ل/٩٧.
(٣) سلا: مدينة في المغرب، بينها وبين مراكش على ساحل البحر تسع مراحل، وهي مدينة قديمة أزلية، فيها آثار للأول معروفة بضفة الوادي، متصلة بالعمارة التي أحدثها هناك أحد ملوك بني عبد المؤمن، وكان قد اتخذ أرباب البلد مدينة بالعدوة الشرقية، وهي المعروفة الآن بسلا الحديثة، وهي على ضفة البحر، وسلا القديمة خراب الآن. وأما سلا الحديثة فهي منيعة من جهة البحر, لا يقدر أحد من أهل المراكب على الوصول إليها من جهته، وهي حسنة في أرض رمل، ولها أسواق نافقة وتجارات ودخل وخرج، ولأهلها سعة أموال، والطعام بها كثير رخيص جدًّا. ينظر: الروض المعطار في خبر الأقطار ١/ ٣١٩.

<<  <   >  >>