للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واحد، مع كونه سورًا وآياتٍ وأجزاءً متعدِّدةً وهو كلامُ الله ووَحْيُهُ وتنزيلُهُ وإنشاؤُهُ، ليس هو بكلامنا أصلًا، نعم، وتكلُّمُنا به وتلاوتنا له ونطقنا به أفعالنا، وكذلك كتابتنا له وأصواتنا به من أعمالنا قال الله - عز وجل -: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (١) " (٢).

وقال ابن قتيبة - رحمه الله -: "والقرآن لا يقوم بنفسه وحده، وإنما يقوم بواحدة من أربع: كتابة، أو قراءة، أو حفظ، أو استماع، فهو بالعمل في الكتابة قائم، والعمل خطٌّ وهو مخلوق، والمكتوبُ قرآنٌ وهو غير مخلوق، وهو بالعمل في القراءة قائم، والعمل تحريكُ اللِّسان واللَّهوات بالقرآن وهو مخلوق، والمقروء قرآنٌ وهو غير مخلوق، وهو بحفظ القلب قائم، والحفظ عملٌ وهو غير مخلوق، والمحفوظ قرآنٌ وهو غير مخلوق، وهو بالاستماع قائم في السَّمع، والاستماع عملٌ وهو مخلوق، والمسموعُ قرآنٌ وهو غير مخلوق" (٣).

رابعًا: وجوه إعجاز القرآن

بيَّن ابن عجيبة وجوه إعجاز القرآن، فقال في تفسير قوله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} (٤): "قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ، واتفقوا عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ المنعوت بما لا تدركه العقول من النعوت الجليلة في البلاغة، وحسن النَّظم، وكمال المعنى، لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ أبدًا لما تضمَّنه من العلوم الإلهيَّة، والبراهين الواضحة، والمعاني العجيبة، التي لم يكن لأحدٍ بها علم، ثم جاءت فيه على الكمال، ولذلك عجزوا


(١) سورة الصافات: ٩٦.
(٢) العلو ٢/ ١٩٢.
(٣) الاختلاف في اللفظ، ص ٦٣.
(٤) سورة الإسراء: ٨٨.

<<  <   >  >>