للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن معارضته.

وقال أكثر الناس: إنما عجزوا عنه لفصاحته، وبراعته، وحسن نظمه، ووجوه إعجازه كثيرة، وإنما خصَّ الثقلين بالذكر؛ لأنَّ المنكر كونه من عند الله منهما، لا لأنَّ غيرهما قادرٌ على المعارضة، وإنما أظهر في محل الإضمار، ولم يقل: لا يأتون به لئلا يتوهم أن له مثلًا معيَّنًا، وإيذانًا بأنَّ المراد نفي الإتيان بمثَلٍ مَّا، أي: لا يأتون بكلامٍ مماثلٍ له فيما ذكر من الصفات البديعة، وفيهم العرب العاربة، أرباب البراعة والبيان, فلا يقدرون على الإتيان بمثله وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا أي: ولو تظاهروا وتعاونوا على الإتيان بمثله ما قدروا، وهو عطف على مقدَّر، أي: لا يأتون بمثله لو لم يكن بعضهم ظهيرًا لبعض، ولو كان .. إلخ, ومحله النَّصب على الحالية، أي: لا يأتون بمثله على كلِّ حالٍ مفروض، ولو على هذه الحالة" (١).

وهو معجزٌ أيضًا من جهة اللَّفظ والمعنى (٢).

وقد وافق ابنُ عجيبة العلماءَ المحققين في أنَّ القرآن معجزٌ من وجوهٍ متعددة.

قال ابن تيمية - رحمه الله -: "كون القرآن أنه معجزة ليس هو من جهة فصاحته وبلاغته فقط، أو نظمه وأسلوبه فقط، ولا من جهة إخباره بالغيب فقط، ولا من جهة صرف الدواعي عن معارضته فقط، ولا من جهة سلب قدرتهم على معارضته فقط، بل هو آيةٌ بيِّنةٌ معجزةٌ من وجوهٍ متعدِّدة:

١ - من جهة اللَّفظ.

٢ - من جهة النَّظم.


(١) البحر المديد ٣/ ٢٣١.
(٢) المرجع نفسه ٢/ ٤٧٣.

<<  <   >  >>