للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثالث:

عقيدته في الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم -

أولًا: رأيه فيما يسمَّى بالحقيقة المحمَّدية

تعد الحقيقة المحمَّدية عند المتصوفة هي العماد الذي قام عليه الكون، وهي أول ما خلق الله - عز وجل -، وذكر ابن عجيبة بعضًا من مسمياتها: منها العقل الأكبر (١) فهو: أول نور أظهره الله للوجود، ويقال له: الروح الأعظم، ويسمى أيضًا القبضة المحمَّدية (٢) (٣).

ويعبَّر عنها ابن عجيبة في داليته بقوله:

وصَلِّ إلهَ العرشِ في كلِّ لمحةٍ ... على عنصر الوجود سر محمَّد

تقدَّم كلَّ الكونِ نورُ بهائِهِ ... فكان إلى الرحمنِ أولَّ عابد

قد انشقت الأسرارُ من سرِّ سرِّهِ ... فأبدى لنا سرَّ الإلهِ الممجَّد

ومن نوره الأسنى قد انفلقت لنا ... معاني صفات الذَّاتِ من نورِ أحمد

تلاشت فهومُ الخلقِ في بحرِ سرِّهِ ... فلا سابقٌ يَدري حقيقةَ أحمد

ولا لاحقٌ كلٌّ تضاءلَ فهمُهُ ... وكيف ينالُ الشَّمسَ من هو عن بُعْدِ (٤)

وكان متأثرًا بعبد السلام بن مشيش الذي اعتقد بأنَّ محمَّدًا أصل الوجود في


(١) العقل الأكبر: سماه الجرجاني بالعقل الأول، الذي هو أول عين ظهرت بنور الله - عز وجل -، وقال: العقل الأول هو سبب وجود المخلوقات كلها، وقصد به النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويتضح أنه ليس هناك فرق بين ما سماه ابن عجيبة بالعقل الأكبر، والله أعلم، ينظر: التعريفات، للجرجاني، ص ٣٨.
(٢) ينظر: التصوف الإسلامي في الدين والخلق ١/ ٢٣٠.
(٣) معراج التشوف إلى حقائق التصوف، ص ٥٤.
(٤) الفهرسة، ص ١٠٧.

<<  <   >  >>