للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثالث:

أثره على من بعده

أ أثره على من خلفه في الطريقة

خلف ابن عجيبة بعد وفاته في إكمال المهمة محمد الحراق (١) الذي شرع بإلقاء دروسه في تطوان في أحضان الزاوية الدرقاوية، وظنَّ الناس أنَّ بدايته ستكون في شرح التفسير، والفقه، لكن البداية كانت بتدريس الحكم العطائية، فانتعشت الطريقة الدرقاوية من جديد في تطوان، ودخل فيها كثيرٌ من الناس، بعد أن أعاد تأسيسها على أربع قواعد: ذكر، ومذاكرة، وعلمٌ، ومحبَّة، وينهى عن التجرد وخرق العوائد، وينصح طلابه ألا يدخلوا في طريق التصوف إلا بعد التبحُّر في علم الظاهر.

وهكذا خلف الحراق ابن عجيبة في نشر التصوف، فلم يجد صعوبة في جلب الأتباع إليه بالإضافة إلى الدرقاويين المتبقين بتطوان، فقد تحوَّل كثيرٌ من المعجبين بعلمه وفصاحته إلى أنصار له في التلقين والتجربة الصوفية.

ولقد ذاع صيته وأصبحت له زاوية يجتمع عليه خلقٌ كثير، ثم توسَّعت زاويته سنة ١٢٢٤ هـ، وأنشأ زاويتين رسميتين في فاس سنة ١٢٤٦ هـ، وفي طنجة سنة ١٢٥٤ هـ (٢).

وممن تأثر بابن عجيبة أيضًا المَكُّودي (٣) الذي رد على منكري الطريقة


(١) هو: محمد بن محمد الحراق بن عبد الواحد بن يحيى، ولد سنة ١٢٨٨ هـ بمدينة شفشاون على بعد ستين كلم من تطوان، أصبح هو الشيخ الصوفي المتصدي لتلقين الأوراد وتربية المريدين في تطوان. ينظر: النور البراق في ترجمة الشيخ محمد الحراق، ص ٢٢.
(٢) ينظر: إشكالية إصلاح الفكر الصوفي، ص ٢٧٤.
(٣) هو: أبو عبد الله، محمد بن محمد بن عبد الله التازي المَكُّودي، وقيل بتخفيف الكاف، نسبة لبني مَكُّود قبيلة من البربر، وهم أهل ثروة من أحواز تازا وهي مدينة بين فاس ووجدة تبعد ٣٢٠ كلم من مدينة الرباط، من شيوخه: العربي الدرقاوي، توفي المكودي سنة ١٢١٤ هـ. ينظر: كنز الأسرار ومعدن الأخيار ل/٨٢، جذوة الاقتباس في ذكر من حلَّ من الأعلام مدينة فاس ١/ ٢٩٩.

<<  <   >  >>