للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: دوره في تأسيسها]

سلك ابن عجيبة الطريقة الدرقاوية عام ١٢٠٨ هـ، عندما التقى بشيخه البوزيدي، لكن ابن عجيبة كان ميَّالًا للفكر الصوفي قبل هذا التاريخ فابن عجيبة "لم يجعل من تلك السَّنَة تاريخًا لانتسابه للتصوُّف، وتفضيله على الميادين الأخرى، بل إنَّ مقصوده أنه في هذه السَّنَة (١) اتخذ له شيخًا مربِّيًا، وإلا فإنَّ ميله إلى الفكر الصوفي كان منذ الصغر" (٢).

ودلَّ على ذلك أنه ذكر سبب بداية انتقاله من العلم إلى العمل أنه وجد نسخة من كتاب الحكم لابن عطاء الله ثم نسخها وطالع عليها شرح ابن عباد (٣)، ثم حُبِّبت له الخلوة والتعبُّد في مقامات الصوفية، وقد عزم على الطلوع إلى ضريح عبد السلام بن مشيش بالجبل للتعبُّد، لكنه عدل عن ذلك (٤).

ثم ذكر بعد ذلك تحوله الكامل إلى الطريقة الدرقاوية الشاذلية، فلقد التقى بالشيخ، وأخذ عنه علم الباطن سنة ثمان ومائتين وألف، ثم التقى بالشيخ مولاي العربي، وسيدي محمد البوزيدي، مرة أخرى في زروال ومكث عندهم ثلاثة أيام يتدارسون التصوف، فتأثَّر بهم ابن عجيبة، ثم قال لشيخه البوزيدي: "أنا من أصحابك" (٥).


(١) سنة ١٢٠٨ هـ، والتي سلك الطريقة الدرقاوية على يد شيخه البوزيدي.
(٢) إشكالية إصلاح الفكر الصوفي في القرنين ١٨/ ١٩، ص ١٣٩.
(٣) هو: محمد بن إبراهيم بن عباد النفري الرندي، ومدينة رندة في الأندلس، واستقرَّ بفاس، وله مؤلفات منها: غيث المواهب العلية، كفاية المحتاج، توفي سنة ٧٩٢ هـ. ينظر: الأعلام ٥/ ٢٩٩.
(٤) ينظر: الفهرسة، ص ٤٠ - ٤١.
(٥) المرجع نفسه، ص ٤٥.

<<  <   >  >>