للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثًا: تعريف الكرامة عند الصوفية

عرَّفها ابن عجيبة بقوله: "هي الاستقامة وكشف الحجاب بين الله - عز وجل - وعبده حتى تشاهده عيانًا ويذهب الأوهام والشكوك" (١).

وعرفها القشيري: " ... الكرامة فعل ناقص للعادة في أيام التكليف ظاهرًا على موصوف بالولاية في معنى تصديقه في حاله" (٢).

ومن خلال التعريفين السابقين يتضح أنَّ الكرامة عند الصوفية هي المحور والمرتكز الأول في بيان فضل الولي؛ وللدلالة على صدقه، فهم يهتمون بالولاية الصوفية والتي تثبت عندهم بالطرق الصوفية، ويأتي إثباتها عن طريق الكرامة، يقول المناوي: "وتكون للدلالة على صدقه وفضله، أو لقوة يقين صاحبها أو غيره" (٣).

ولذلك سلك ابن عجيبة طرقًا للحصول على الكرامة فاتخذ مجاهدة النفس وفطمها عن المألوفات سببًا للوصول للكرامة بنوعيها الحسِّي والمعنوي، فقال: فمن مجاهدة البدن تظهر الكرامات الحسيَّة، كالمشي على الماء، والطيران في الهواء، وطي الأرض، ومن مجاهدة النفس تظهر الكرامات المعنوية، من فهم العلوم، واتساع الفهوم، وشهود رب العالمين، والاطلاع على الغيب (٤).

وبهذا تجدهم متسرعين بالحكم على الشخص بأنه صاحب كرامة، بمجرد رؤية هذه الأمور التي صدرت منه سواء ظاهره الصلاح أو لا، متجاهلين أنَّ الشيطان يغوي بني آدم بتخرُّصات وأوهام ما أنزل الله بها من سلطان.


(١) ينظر: البحر المديد ٥/ ٣٢١، ١/ ١٣٣.
(٢) الرسالة القشيرية في علم التصوف، ص ٥٨١.
(٣) الكواكب الدرية في تراجم الصوفية ١/ ٥.
(٤) الفتوحات الإلهية، ص ٥٠ - ٥١.

<<  <   >  >>