للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثامنًا: طريقة ابن عجيبة في إثبات دلائل توحيد الربوبية

قسَّم ابن عجيبة الناس إلى قسمين في طريقة إثبات دلائل الربوبية، فقال: "والناس على قسمين: أهل تصديق وإيمان، وأهل شهود وعيان، فأهل التصديق والإيمان هم عامَّة أهل اليمين، وهم أكثر المسلمين من العلماء والصالحين، ويستندون في معرفتهم بالله إلى الدليل والبرهان، فتارة يقوى عندهم الدليل، فيترقون عن اتباع الظن إلى الجزم والتصميم، وتارة يضعف فيرجعون إلى اتباع الظن الراجح، وأمَّا الشهود والعيان فقد غابت عنهم الأكوان في شهود المكون، فصاروا يستدلون بالله على وجود غيره، فلا يجحدونه، حتى قال بعضهم: لو كُلِّفت أن أرى غيره لم أستطع، فإنه لا غير معه حتى أشهده، محال أن تشهده وتشهد معه سواه" (١).

وقال أيضًا: "التوحيد الذي ينتجه الدليل والبرهان يعتريه الزيادة والنقصان، إذ قد تعرض له الشكوك والأوهام" (٢)، وقال أيضًا: النظر في دلائل الكائنات من غير تنوير، ولا صحبة أهل التنوير لا تزيد إلا حيرة" (٣)، وقال "لا يستوي العالم بالله مع الجاهل به، العالم يعبده على العيان، والجاهل به في مقام الاستدلال والبرهان، العالم بالله يستدل بالله على غيره، والجاهل به يستدل بالأشياء على الله" (٤)، وقال: "وكل من كان محجوبًا عن الله يستدلُّ بغيره فهو من البله" (٥)، وقال: "كل من لم يعرف


(١) البحر المديد ٢/ ٤٧١.
(٢) شرح خمرية ابن الفارض، ص ٥٠.
(٣) البحر المديد ٥/ ٣٠١.
(٤) المرجع نفسه ٥/ ٨٥.
(٥) نفسه ٦/ ٩٤.

<<  <   >  >>