للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أيضًا: "والقرآن ملآن من توحيد الله تعالى وأنَّه ليس كمثله شيء، فلا يمثل به شيءٌ من المخلوقات في شيءٍ من الأشياء إذ ليس كمثله شيءٌ لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ولا فيما يستحقه من العبادة والمحبة والتوكل والطاعة والدعاء وسائر حقوقه، قال تعالى: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} (١) فلا أحد يساميه، ولا يستحق أن يُسمَّى بما يختصُّ به من الأسماء ولا يساويه في معنى شيءٍ من الأسماء لا في معنى الحي ولا العليم ولا القدير ولا غير ذلك من الأسماء ولا في معنى الذات والموجود ونحو ذلك من الأسماء العامَّة ولا يكون إلهًا ولا ربًّا ولا خالقًا، فقال تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (٢).

فلم يكن أحدٌ يكافئه في شيءٍ من الأشياء: فلا يساويه شيءٌ ولا يماثله شيءٌ ولا يعادله شيء" (٣).

ويبيِّن ابن القيم حقيقة الشرك عند المتصوفة الذي أشركوا مع الله - عز وجل - إذ يقول: "ومذهب القوم أنَّ عُبَّاد الأوثان وعُبَّاد الصُّلبان وعُبَّاد النيران وعُبَّاد الكواكب كلّهم موحِّدون، .... ومن عبد النار والصليب فهو موحِّدٌ عابدٌ لله، والشرك عندهم إثبات وجود قديمٍ وحادثٍ وخالقٍ ومخلوقٍ وربٍّ وعبد، ولهذا قال بعض عارفيهم وقد قيل له: القرآنُ كلُّه يبطل قولكم، فقال: القرآنُ كلُّه شركٌ والتوحيد هو ما نقوله" (٤).


(١) سورة مريم: ٦٥.
(٢) سورة الإخلاص: ١ - ٤.
(٣) مجموع الفتاوى ٢٧/ ٣٦٦.
(٤) مدارج السالكين ٣/ ٥٤٢.

<<  <   >  >>