للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي أوضحه العلماء وبيَّنه الأئمة، وحصر أنواعه الراسخون في العلم، ومن نظر إلى طريق أهل البدع في الاستدلالات عرف أنها لا تنضبط؛ لأنها سيالة لا تقف عند حد وعلى كل وجه يصح لك زائغ وكافر أن يستدل على زيغه وكفره، حتى ينسب النحلة التي التزمها إلى الشريعة فقد رأينا وسمعنا عن بعض الكفَّار أنه استدل على كفره بآيات القرآن ... وكذلك كل من اتبع المتشابهات، أو حرف المناطات، أو حمل الآيات ما لا تحمله عند السلف الصالح، أو تمسَّك بالأحاديث الواهية، أو أخذ الأدلة بباديَ الرأي له أن يستدل على كل فعل أو قول، أو اعتقاد وافق غرضه بآية أو حديث لا يفوز بذلك أصلًا والدليل عليه استدلال كل فرقة شهرت بالبدعة على بدعتها بآية أو حديث من غير توقف" (١).

ثالثًا: استدلاله بالقول المنسوب إلى عمر - رضي الله عنه -

وهو: «كنتُ أدخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو وأبو بكر - رضي الله عنه - يتكلَّمان في علم التوحيد فأجلس بينهما كأني زنجي لا أعلم ما يقولان».

قال ابن عجيبة: "فهذا التوحيد الذي يتكلَّم فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الصدِّيق - رضي الله عنه - هو التوحيد الخاص، وهو غوامضه وأسراره التي لا تفشى إلا لأهله، وهو المسمَّى عندنا بعلم الباطن، ويُسمى -أيضًا- بعلم الحقيقة" (٢).

وهذا الأثر كذَّبه ابن تيمية فقال: "وما قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ما ذكر عنه قط، ولا روى هذا أحد بإسناد صحيح ولا ضعيف، وهو كلام باطل؛ فإن من كان دون عمر - رضي الله عنه - كان يسمع كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - ويفهم ما ينفعه الله به، فكيف


(١) الاعتصام ١/ ٢٨٤.
(٢) الفتوحات الإلهية، ص ٢٧٤.

<<  <   >  >>