للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعمر؟! وعمر أفضل الخلق بعد أبي بكر، فكيف يكون كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر - رضي الله عنه - بمنزلة كلام الزنجي، ثم الذين يذكرون هذا الحديث من ملاحدة الباطنية؛ يدعون أنهم علموا ذلك السر الذى لم يفهمه عمر - رضي الله عنه - وحمله كل قوم على رأيهم الفاسد ... فهل يقول عاقل: إن عمر - رضي الله عنه - وهو شاهد لم يفهم ما قالا، وإن هؤلاء الجهال الضُّلَّال أهل الزندقة والإلحاد والمحال علموا معنى ذلك الخطاب، ولم ينقل أحد لفظه، وإنما وضع مثل هذا الكذب ملاحدة الباطنية، حتى يقول الناس: إن ما أظهره الرُّسل من القرآن والإيمان والشريعة له باطن يخالف ظاهره؛ وكان أبو بكر - رضي الله عنه - يعلم ذلك الباطن دون عمر، ويجعلون هذا ذريعة عند الجُهَّال إلى أن يسلخوهم من دين الإسلام" (١).

رابعًا: استدلاله بالآيات على مسألة التفسير الحرفي الإشاري لدى الصوفية، والتفسير الباطني

فسَّر ابن عجيبة قول الله - عز وجل -: {الم} (٢) تفسيرًا حرفيًا، قال ابن عجيبة: يقول أهل الإشارة: يقول الحق جلَّ جلاله: ألف أفرد سرَّك إليَّ، انفراد الألف عن سائر الحروف، واللام: ليِّن جوارحك لعبادتي، والميم أقم معي بمحو رسومك وصفاتك، أزينك بصفاء الأنس والقرب مني (٣)، وفسَّر الآيات بالتفسير الإشاري (٤)،


(١) مجموع الفتاوى ٣/ ١٨٢.
(٢) سورة البقرة: ١.
(٣) البحر المديد ١/ ٧١ - ٧٢.
(٤) التفسير الإشاري: من الإشارة وهي في اللغة من أشار إليه بيده أو نحوهما: أومأ إليه معبِّرًا عن معنى من المعاني كالدعوة إلى الدخول أو الخروج، وفي الاصطلاح: "تأويل القرآن بغير ظاهرة لإشارة خفيفة تظهر لأرباب السلوك والتصرف، ويمكن الجمع بينهما وبين الظاهر والمراد أيضًا". ينظر: لسان العرب ٤/ ٢٣٥٨، المعجم الوسيط ١/ ٤٩٩، مناهل العرفان في علوم القرآن ٢/ ٦٦.

<<  <   >  >>