للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ردَّ بعض ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - أولى أن لا تكون نافعة وإن كانت هذه عذرًا له فشبهة من كذَّب بعض الأنبياء مثلها، وكما أنه لا يكون مؤمنًا حتى يؤمن بجميع الأنبياء، ومن كفر بنبي من الأنبياء فهو كمن كفر بجميعهم، فكذلك لا يكون مؤمنًا حتى يؤمن بجميع ما جاء به الرسول، فإذا آمن ببعضه فهو كمن كفر به كله" (١).

أولًا: رأي ابن عجيبة في الكتب المتقدِّمة

قال: "إنَّ الإيمان بالكتب المتقدِّمة دون معرفة أعيان المنزل عليهم كافٍ، إلَّا من ورد تعيينُه في الكتاب والسُّنَّة فلا بدَّ من الإيمان به" (٢).

وهذا حقٌّ، فما ذكر الله منها تفصيلًا وجب علينا الإيمان به تفصيلًا، وما ذكر منها إجمالًا وجب علينا الإيمان به إجمالًا (٣)، ونؤمن به كما أمرنا الله - عز وجل - ورسوله - صلى الله عليه وسلم -: {وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ} (٤).

ولتقرير الإيمان بالكتب كلها أمر الله عباده المؤمنين أن يخاطبوا أهل الكتاب بقوله تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (٥) "فتضمَّنت الآية إيمان المؤمنين بما أنزل الله عليهم بواسطة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وما أنزل على أعيان الرُّسل المذكورين في الآية، وما أنزل على بقية الأنبياء في الجملة وأنهم لا يُفرِّقون بين الرُّسل في الإيمان ببعضهم دون بعض، فانتظم ذلك الإيمان بجميع الرُّسل وكل ما أنزل الله عليهم من الكتب" (٦).


(١) بدائع الفوائد ٤/ ١٩٤.
(٢) البحر المديد ١/ ٧٥.
(٣) ينظر: أعلام السُّنَّة المنشورة، ص ٩٧.
(٤) سورة الشورى: ١٥.
(٥) سورة البقرة: ١٣٦.
(٦) أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسُّنَّة، ص ١٣٦.

<<  <   >  >>