للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثالث:

الصلة بين الأحوال والمقامات

هناك تداخل بين الأحوال والمقامات، فمن تحقق بالمقام فإنه قد ترد عليه الأحوال، وصاحب الحال قد يترقى منها على المقامات (١).

قال ابن عجيبة: "الأعمالُ حركة الجسم بالمجاهدة، والأحوالُ حركة القلب بالمكابدة، والمقاماتُ سكون القلب بالطمأنينة، مثال ذلك: مقام الزهد مثلًا: فإنه يكون أولًا عمله مجاهدة بترك الدنيا وأسبابها، ثم يكون مكابدة بالصبر على الفاقة حتى يصير حالًا، ثم يسكن القلب ويذوق حلاوته فيصير مقامًا" (٢).

ويقول أيضًا: "المقامات تكون أحوالًا حيث لم يتمكَّن المريد منها؛ لأنها تتحوَّل ثم تصير مقامات بعد التمكين، كالتوبة مثلًا: تحصل ثم تنقص، حتى تصير مقامًا، وهي التوبة النصوح، وهكذا بقية المقامات" (٣).

وعلة التداخل بينهما يكمن في أنَّ المقام قبل كونه مقامًا كان حالًا، لكن بعد المكابدة والمجاهدة تحوَّل إلى مقام.

فيقول ابن عجيبة: "التوبة، والورع، والزهد، والتوكُّل، والرضا، والتسليم، تكون أحوالًا، ثم تصير مقامات، فما دامت مجاهدة فهي أحوال، فإذا كانت ذوقًا فهي مقامات" (٤).


(١) ينظر: ابن عطاء السكندري وتصوفه، ص ٣٢٠.
(٢) إيقاظ الهمم، ص ١١٦.
(٣) معراج التشوف، ص ٤٤.
(٤) الفتوحات الإلهية، ص ١٦٥.

<<  <   >  >>