للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه» (١) فيه ما فيه، وظاهره أنه بدعة استحسنوها قمعًا للنفس عن الاسترسال في الميل إلى الراحة وإيثارًا إلى ما يبنى عليه من المجاهدة" (٢).

ثالثًا: تجرُّد المريد عن المال

لا بدَّ للمريد أن يفتح على نفسه أربعة؛ ليدخل في طريق القوم: "يفتح باب الذُّل، ويغلق باب العز، ويفتح باب المجاهدة، ويغلق باب الرَّاحة، ويفتح باب السَّهر، ويغلق باب النُّوم، ويفتح باب الفقر، ويغلق باب الغنى" (٣).

وقصد القوم من المجاهدة الوصول للإلهام والكشف، قال الغزالي: "فبالمجاهدة والجلوس مع الله في الخلوة مع تطهير القلب عن شواغل الدنيا تنكشف دقائق علوم الدين، وتنفجر ينابيع الحكمة من القلب من غير عَدٍّ ولا حصر، فتصفية القلب والجلوس في الخلوة مع الله تعالى هو مفتاح الإلهام ومنبع الكشف" (٤).

"وكل مريد اشتغل بإصلاح حاله وبنظافة ثيابه، ولبس الأصواف الرفيعة وغيرها لا يفلح في طريق القوم، ولو كان شيخه من أكبر الأولياء" (٥).


(١) أخرجه أحمد ٢/ ١٠٨، وابن حبان في صحيحه ٦/ ٤٥١، ٢٧٤٢، ٨/ ٣٣٣، ٣٥٦٨، لكن في الموضع الثاني بلفظ: «كما يجب أن تؤتى عزائمه»، والبزار ١٢/ ٢٥٠، رقم ٥٩٩٨، والبيهقي في كتاب الصلاة، باب كراهية ترك التقصير والمسح على الخفين وما يكون رخصة رغبة عن السُّنَّة، ٣/ ١٤٠، والخطيب في تاريخه ١٠/ ٣٤٧، والقضاعي في مسند الشهاب ١٠٧٨، وقال الهيثمي في المجمع: رواه الطبراني في الكبير والبزار، ورجال البزار ثقات وكذلك رجال الطبراني. ينظر: ٣/ ١٦٥ - ١٦٦، والحديث صحَّحه الألباني في الإرواء ح: ٥٦٤.
(٢) الاعتصام ١/ ٢٣٧.
(٣) من كلام أبي مدين، مخطوط آداب المريد والشيخ، تطوان، ضمن مجموع رقم ١٠٨٨، ص ١٤٠.
(٤) فاتحة العلوم، للغزالي، ص ٢٩، وكذلك الوصول لوحدة الوجود، وهذا ما سوف يتبين أيضًا أثناء مناقشة الولاية، ووحدة الوجود.
(٥) الأنوار القدسية في معرفة قواعد الصوفية ١/ ١٩٠.

<<  <   >  >>