للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخضر في الحديث: «إنَّك على علم من علم الله علَّمك لا أعلمه وأنا على علم من علم الله علَّمنيه لا تعلمه» (١)، ألا تراه لم يعرف موسى بني إسرائيل حتى عرفه بنفسه إذا لم يعرفه الله به" (٢).

ثانيًا: زعمه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو واضع علم الحقيقة والشريعة

قال ابن عجيبة: "وأما واضع هذا العلم فهو النبي - صلى الله عليه وسلم - علَّمه الله بالوحي والإلهام فنزل جبريل بالشريعة، فلما تقررت نزل ثانيًا بالحقيقة، فخص بها بعضًا دون بعض، وأول من تكلم فيه وأظهره علي - رضي الله عنه -، وأخذه الحسن البصري" (٣).

وهذا الاستدلال من ابن عجيبة لا يثبت ما ساقه لأجله، والنبي - صلى الله عليه وسلم - توفى ولم يترك خيرًا إلا ودلَّ الأُمَّة عليه، ولم يخص أحدًا بعلم دون سائر الأُمَّة بل استوى ظاهره وباطنه.

قال ابن تيمية: "هذا كما في الصحيح أنه قيل لعلي - رضي الله عنه -: هل ترك عندكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا؟ وفي لفظ: هل عهد إليكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا لما يعهده إلى الناس؟ فقال: «لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا فهمًا يؤتيه الله عبدًا في كتابه وما في هذه الصحيفة» (٤)، (٥) وهذا خروج في الاستدلال عن طريق العلماء، قال الشاطبي مبيِّنًا حال أهل البدع في الاستدلال: "وحاصلها الخروج في الاستدلال عن الطريق


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التيمُّم، باب قول - صلى الله عليه وسلم -: «جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورا»، ١/ ٤٦٤ رقم ١٢٢.
(٢) إكمال المعلم شرح صحيح مسلم، باب فضائل الخضر - عليه السلام - ٧/ ٣٦٦.
(٣) إيقاظ الهمم، ص ٢٥.
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد، باب فكاك الأسير، ٤/ ٢٣٨ رقم ٣٠٤٧.
(٥) مجموع الفتاوى ٢/ ٢١٧.

<<  <   >  >>