للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خامسًا: المخالفات العقدية التي قرَّرها ابن عجيبة في مسائل القدر

١ - ترك التدبير والاختيار.

قال في تفسيره لقول الله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (١): "في الآية تحضيضٌ على ترك التدبير والاختيار، مع تدبير الواحد القهَّار، وهو أصلٌ كبيرٌ عند أهل التصوُّف، أُفرد بالتأليف، وفي الحكم: «أرح نفسك من التدبير، فما قام به غيرك عنك لا تقم به أنت عن نفسك» ... فإذا علمت أيها العبدُ أنَّ الحق تعالى هو الذي يخلق ما يشاء ويختار، لم يبق لك مع الله اختيار، فالحالة التي أقامك فيها هي التي تليق بك، ولذلك قيل: العارف لا يعارض ما حلَّ به، فقرًا كان أو غنى" (٢).

وقال في موضعٍ آخر: "ومن ذلك قصيدة في سلب الإرادة مع الحق وترك التدبير على ألسنة هواتف الحق.

مرادي منك رفض ما سوانا ... بقصد سيرك إلى الرَّشاد

مرادي منك الترك للحظوظ ... وما يفضي بك إلى البعاد

مرادي منك نسيان اللحوظ ... لغير حُبِّنا بلا مراد

فكل ما تبني من الأماني ... تهدمه الأقدار باستبداد" (٣)

وصرَّح به ابن عجيبة فقال: "التحقيق أنَّ العبد مجبور، لكن في قالب الاختيار، فمن نظر للجبر الباطني سمَّاه حقيقة، ومن نظر لقالب الاختيار سمَّاه شريعة" (٤).


(١) سورة القصص: ٦٨.
(٢) البحر المديد ٤/ ٢٧٠.
(٣) الفهرسة، ص ١٢٠.
(٤) الفتوحات الإلهية، ص ٣٢٧.

<<  <   >  >>