للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والقرآن كلُّه توحيد من فاتحته إلى خاتمته، قال ابن القيم: "كل سورة في القرآن فهي متضمِّنة لنوعي التوحيد، بل نقول قولًا كليًّا: إنَّ كل آية في القرآن فهي متضمِّنة للتوحيد، شاهدة به، داعية إليه، فإنَّ القرآن: إمَّا خبرٌ عن الله، وأسمائه وصفاته وأفعاله، فهو التوحيد العلمي الخبري، وإمَّا دعوة إلى عبادته وحده لا شريك له، وخلع كل ما يعبد من دونه، فهو التوحيد الإرادي الطلبي، وإمَّا أمرٌ ونهي، وإلزامٌ بطاعته في نهيه وأمره، فهي حقوق التوحيد ومكملاته، وإمَّا خبرٌ عن كرامة الله لأهل توحيده وطاعته، وما فعل بهم في الدنيا، وما يكرمهم به في الآخرة، فهو جزاء توحيده، وإمَّا خبرٌ عن أهل الشرك، وما فعل بهم في الدنيا من النكال، وما يحلُّ بهم في العقبى من العذاب، فهو خبرٌ عمَّن خرج عن حكم التوحيد" (١).

ثالثًا: تعريف توحيد الربوبية في اللغة والاصطلاح

مصدر ربَّ يرُبُّ ربابةً ورُبُوبية (٢)، قال ابن فارس: "الراء والباء يدل على أصول:

فالأول: إصلاحُ الشِّيء والقيام عليه ... , الآخر: لزوم الشَّيء والإقامة عليه ... , الثالث: ضمُّ الشَّيء للشَّيء, ومتى أمعن النظر كان الباب كله قياسًا واحدًا" (٣).

والرَّبُّ يطلق في اللغة على: "المالك، والسيِّد، والمدبِّر، والمربِّي، والقيِّم، والمنعم" (٤).

ويطلق الرَّبُّ في الشرع ويراد به عين معناه في اللغة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الرَّبُّ- سبحانه: هو المالك، المدبِّر، المعطي،


(١) مدارج السالكين ٤/ ٤٤٢
(٢) اشتقاق أسماء الله تعالى، ص ٣٢.
(٣) ينظر: مقاييس اللغة، ص ٣٧٨.
(٤) لسان العرب ١/ ٣٩٩، وينظر: القاموس المحيط، ص ١١١.

<<  <   >  >>