للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦ - أنَّ دلالة الأدلة اللفظية على مراد المتكلِّم أقوى من دلالة الأدلة العقلية على الحقائق الثابتة، فكيف بدلالة المقدمات المشتبهة التي غايتها أن يكون فيها حقٌّ وباطل وليس مع أصحابها إلا إحسان الظن بمن قالها فإذا طولبوا بالبرهان على صحتها قالوا هكذا قال العقلاء، وهذا أمرٌ قد صقلته أذهانهم وقبلته عقولهم، فبين دلالة الأدلة اللفظية على مراد المتكلم ودلالة هذه المقدِّمات على الحقائق تفاوتٌ عظيم، فكيف تفيد هذه اليقين دون تلك؟ وهل هذا إلا قلبٌ للفطر وتعكيس للأذهان (١).

٧ - أنَّ دلالة قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - على مراده أكمل من دلالة شبهات هؤلاء العقلية على معارضته بما لا نسبة بينهما فكيف تكون شبهاتهم تفيد اليقين وكلام الله ورسوله لا يفيد اليقين (٢).

٨ - أنَّ قول القائل: (الأدلة اللفظية لا تفيد اليقين) إمَّا أن يريد به نفي العموم أو عموم النفي، فإن أراد نفي العموم لم يفده شيئًا فإنَّ عاقلًا لا يدعي أنَّ كلَّ دليل لفظي يفيد اليقين حتى ينصب معه الخلاف ويحتج عليه، وإن أراد به عموم النفي كان هذا مكابرة للعيان وبهتًا ومجاهرةً بالكذب والباطل (٣).

الجهة الثانية: أخبار الآحاد تُقبل في أبواب الأعمال دون الاعتقاد

فقد قبل أخبار الآحاد في أبواب الأعمال، ومن ذلك قوله عند تفسير قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ


(١) الصواعق المرسلة في الرَّدِّ على الجهمية والمعطلة ٢/ ٦٤٧.
(٢) المرجع نفسه ٢/ ٦٤٧.
(٣) نفسه ٢/ ٦٥٠.

<<  <   >  >>