للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نَادِمِينَ} (١): "هذه الآيةُ دليلٌ على قبول خبر الواحد العدل؛ لأنا لو توقفنا في خبره؛ لسوَّينا بينه وبين الفاسق" (٢).

وردَّها في أبواب الاعتقاد؛ بدليل تأويله لصفات الله - عز وجل -، مثل: تأويله الاستواء، بالاستيلاء (٣)، والوجه بالذات (٤) ... (٥)، وبهذا خالف ابن عجيبة ما عليه سلف الأُمَّة ووافق المتكلمين.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ولهذا كان جمهور أهل العلم من جميع الطوائف على أن (خبر الواحد) إذا تلقته الأمة بالقبول تصديقًا له أو عملًا به أنه يوجب العلم" (٦).

وقال أبو المظفر السمعاني: "إنَّ الخبر الواحد إذا صحَّ عن رسول - صلى الله عليه وسلم - ورواة الثقات والأئمة وأسنده خلفهم عن سلفهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتلقته الأُمَّة بالقبول فإنَّه يوجب العلم فيما سبيله العلم، هذا قول أهل الحديث والمتقنين من القائمين على السُّنَّة، وإنما هذا القول الذي يذكر أن خبر الواحد لا يفيد العلم بحال، ولا بدَّ من نقله بطريق التواتر لوقوع العلم به شيءٌ اخترعته القدرية (٧) والمعتزلة (٨)، وكان


(١) سورة الحجرات: ٦.
(٢) البحر المديد ٧/ ١٦١.
(٣) المرجع نفسه ٢/ ٢٢٣.
(٤) اللطائف الإيمانية الملكوتية والحقائق الإحسانية الجبروتية في رسائل ابن عجيبة، ص ٧٤.
(٥) سيأتي الحديث عنها في الباب الثاني من هذا الكتاب، ولا شكَّ في مخالفته لأهل السُّنَّة والجماعة في تأويل نصوص الصفات.
(٦) مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٥١.
(٧) القدرية: يقولون بأنَّ العبد يحدث فعل نفسه، وأفعال العباد مقدورة لهم على وجه الاستقلال، والمتقدمون منهم ينكرون العلم السابق لله - عز وجل - للأشياء قبل وجودها، ولقد كفَّرهم السلف بقولهم هذا، والمتأخرون منهم يثبتون العلم وينازعون في مرتبة الخلق. ينظر: الملل والنحل ١/ ٤٣، مقالات الإسلاميين ١/ ٢٩٨.
(٨) المعتزلة: سُمُّوا بذلك؛ لأن واصل بن عطاء اعتزل مجلس الحسن البصري إثر قوله بأنَّ مرتكب الكبيرة لا مؤمنٌ ولا كافر، ومن عقائد المعتزلة الباطلة: ١ - نفي صفات الله - عز وجل -، ٢ - القرآن مخلوق، ٣ - الله - عز وجل - لا يرى في الآخرة، ٤ - نفي الشفاعة، ٥ - أنَّ الله ليس خالقًا لأفعال العباد .. ويسمون بالقدرية، والعدلية. ينظر: الفرق بين الفرق، ص ٢٠ - ٢١، مقالات الإسلاميين ١/ ٢٣٥.

<<  <   >  >>