للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجود): فهذا من كلام ابن سينا (١) وأمثاله، الذين اشتقوه من كلام المتكلِّمين، فإنَّهم قسموا الوجود إلى قديمٍ ومحدث، وقسَّمه هو إلى واجبٍ وممكن، وإلا فكلام سلفهم، إنما يوجد فيه لفظ العلة والمعلول (٢).

وقصد شيخ الإسلام أنَّ هؤلاء المعطِّلة يحاولون أن يثبتوا أنَّ الله تعالى واجبٌ وجوده، ولكنَّهم لأجل تعطيلهم جعلوا الله تعالى ممتنع الوجود؛ لأنَّهم وصفوه بصفات المعدوم والممتنع.

فدليلهم الذي أقاموه على إثبات كون الله تعالى واجب الوجود هو في الحقيقة دليلٌ على كون الله تعالى ممتنع الوجود، فقد هدموا بنيانهم بأيديهم.

وعقيدة أهل السُّنَّة والجماعة هي وصف الله - عز وجل - بما وصف به نفسه، وبما وصفه رسوله - صلى الله عليه وسلم -، أمَّا ما لم يرد ذكره في الكتاب والسُّنَّة فيجوز الأخبار عنه إذا كان المعنى صحيحًا.

ثالثًا: معنى توحيد الألوهية

الذي دلَّت عليه أقوال ابن عجيبة عند ذكره لمعنى الألوهية أنَّه يفسِّرها بتوحيد الربوبية سائرًا على مذهب أهل الكلام، إذ قال في تفسير قول الله تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} (٣)، فقول صالح - عليه السلام -: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}


(١) هو أبو علي، الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، البلخي ثم البخاري، وهو رأس الفلاسفة، حنفي المذهب، صاحب التصانيف في الطب والفلسفة والمنطق، وكان أبوه كاتبًا من دعاة الإسماعيلية، ولد عام ٣٧٠ هـ، وكانت وفاته عام ٤٢٨ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء ١٣/ ١٩٩، النجوم الزاهرة ٥/ ٢٥.
(٢) ينظر: الصفدية ٢/ ١٨٠، ومجموع الفتاوى ١/ ٤٠، ومنهاج السُّنَّة النبوية ٢/ ١٣١ - ١٣٢.
(٣) سورة هود: ٦١

<<  <   >  >>