للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"هذا إفراد الحق بالربوبية" (١).

وابن عجيبة خالف المعنى المقصود لكلمة التوحيد، وفسَّرها بتوحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية ليس له ذكر في معتقده، فعندما فسَّر قول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (٢) قال: "يعني: أنَّ التوحيد مما أجمعت عليه الرُّسل والكتب السماوية، والفناء فيه على ثلاثة أقسام: فناء في توحيد الأفعال، وهو ألا يرى الفعل إلا من الله، ويغيب عن الوسائط والأسباب، وفناء في توحيد الصفات، وهو أن يرى ألا قادر ولا سميع ولا بصير ولا متكلِّم إلا الله، وفناء في توحيد الذات، وهو أن يرى ألا موجود إلا الله ذوقًا ووجدًا وعقدًا ... أي: في مقام الفناء والبقاء انتهت أقدام السائرين، ورسخت أسرار العارفين، مع ترقيات وكشوفات أبد الآبدين" (٣).

وبهذا التعريف للتوحيد لم يذكر شيئًا عن توحيد الألوهية، بل هذا التقسيم يقرر فيه نفي الأسباب وهي عقيدة الجبر (٤)، رغم أنَّه أثبت الوحدانية في أفعال الله - عز وجل -، ولكن لا يلبس علينا هذا الأمر فعند سبر أقواله التي مرَّت معنا ظهر تصريحه بأنَّ الأولياء لهم التصرُّف في الكون، وهذا شركٌ في الربوبيَّة.

وقد ظهر من خلال تقريرات ابن عجيبة لمعنى (لا إله إلا الله) التناقض والاضطراب، وكثرة الخطأ كما يلي:

فسَّرها بتفسير الأشاعرة، بقوله: المستغني عمَّا سواه، المفتقر إليه كلُّ من عاداه،


(١) البحر المديد ٢/ ٥٤٠.
(٢) سورة الأنبياء: ٢٥.
(٣) البحر المديد ٣/ ٤٥٤، وينظر: إيقاظ الهمم، ص ٨٢، و ٢٦٩، ٢٧١، والجواهر العجيبة، ص ٤٤.
(٤) سيأتي الحديث عنها في موضعه.

<<  <   >  >>